قبل التفكير في أي شيء تجميلي غالبًا ما يتبادر إلى ذهننا السؤال هل هذا حرامٌ شرعًا؟ هل هناك نص صريح في القرآن الكريم يمنعنا منه؟ أو حديث نبوي شريف ينهانا عنه؟ وقد يكون هذا سؤالاً يحيّر من يفكر في عملية زراعة الشعر. لذلك نقدم لكم في هذا المقال أبرز المعلومات حول حكم زراعة الشعر.
حكم زراعة الشعر ووصل الشعر والفرق بينهما
وصل الشعر عبارة عن استخدام شعر آدمي من رأس شخص ما لرأس شخص آخر.
ويتم اللّجوء إليه سبب سقوط الشعر أو لتجمیل مظهره وزيادة كثافته.
أما زراعة الشعر فهي استخدام بصیلات شعر الشخص نفسه عبر نقلها إلى أماكن الصلع ليعود نمو الشعر فیها.
الفرق بین زراعة الشعر والوصل
إن الفرق بين زراعة الشعر ووصل الشعر هو ما يُشكّل فارقًا كبیرًا في حكمهما الشرعي.
حیث اتفق علماء الدين على تحریم وصل الشعر أیًا كان نوعه وطریقته واستدلوا على ذلك بالأحادیث التي نهى فیها النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصل، ولعن فاعله. ومن هذه الأحاديث :
- ما جاء في الصحیحین عن ابن عمر رضي ﷲ عنهما أن رسول ﷲ صلى ﷲ علیه وسلم قال: (لعن ﷲ الواصلة والمستوصلة).
- ما جاء في الصحیحین عن عائشة رضي ﷲ عنها أن امرأة من الأنصار زوجت ابنة لها فمرضت وتساقط شعرها فأتت النبي صلى ﷲ علیه وسلم فقالت: یا رسول ﷲ إني أنكحت ابنتي فاشتكت فتساقط شعرها أفأصل شعرها فقال النبي صلى ﷲ علیه وسلم: (لعن ﷲ الواصلة والمستوصلة). وفي روایة مسلم عن أسماء بنت أبي بكر رضي ﷲ عنها قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى ﷲ علیه وسلم فقالت یا رسول ﷲ إن لي ابنة عُرَّیساً أصابتها حصبة فتمزق شعرها أفأوصله، فقال: (لعن ﷲ الواصلة والمستوصلة).
- وعن سعید بن المسیب قال: قدم معاویة المدینة فحطبنا وأخرج كُّبة من شعر فقال: ما كنتَ أرى أن أحدا یفعله إلا الیهود إن رسول ﷲ صلى ﷲ علیه وسلم بلغه فسماه الزور، وفي روایة أخرى أنه قال: یا أهل المدینة أین علماؤكم؟ سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ علیه وسلم ینهى عن مثل هذا ویقول: (إنما هلكت بنو إسرائیل حین اتخذ هذه نساؤهم).
اقرأ أيضًا: زراعة الشعر :دليلك الشامل من الألف إلى الياء
وماذا عن حكم زراعة الشعر؟
أما عن حكم زراعة الشعر ، فقد اختلف فـیه العلماء المعاصرون على قولین:
القول الأول: جواز زراعة الشعر.
ومن أبرز من قال بهذا القول الشیخ محمد العثیمین – رحمه ﷲ -، وقال به كثیر من العلماء المعاصرین.
أدلة القول الأول
- ما جاء فـي قصة الثلاثة من بني إسرائیل وفـیها أن رسول ﷲ صلى ﷲ علیه وسلم قال: (إن ثلاثة من بني إسرائیل أبرص وأقرع وأعمى أراد ﷲ أن یبتلیهم فبعث إلیهم ملكاً، فأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إلیك؟ قال: شعر حسن ویذهب عني هذا الذي قذرني الناس قال: فمسحة فذهب عنه وأعطي شعرا حسناً…).
ووجه الدلالة: أن الملك مسح على هذا الأقرع فذهب عن قرعه وأعطي شعرًا حسناً.
فدل ذلك على أن السعي فـي إزالة هذا العیب واستنبات الشعر الحسن لا بأس به، إذ لو كان محرماً لما فعله الملك.
2. أن زرع الشعر لیس من باب تغییر خلق ﷲ أو طلب التجمل والحسن زیادة على ما خلق ﷲ ولكنه من باب ردّ ما خلق ﷲ عزّ وجلّ وإزالة العیب، وما كان كذلك فإن قواعد الشریعة لا تمنع منه.
3. أن الصلع والقرع یعتبر عیباً فـي الإنسان یجد من أصیب به الألم النفسي والازدراء من الناس، وفـي قصة الأبرص والأقرع والأعمى لما سئل الأقرع: أي شيء أحب إلیك؟ قال: شعر حسن، ویذهب عني هذا الذي قذرني الناس، وزراعة الشعر هي من باب علاج هذا العیب، وقد دلت الأدلة الكثیرة على جواز العلاج والتداوى من الأمراض والعیوب التي تقع للإنسان، قال النووي – رحمه اﷲ – فـي شرحه لحدیث ابن مسعود رضي ﷲ عنه (فـي لعن النبي صلى ﷲ علیه وسلم للواشمات والمستوشمات ….):
بعد عرض قولي العلماء فـي حكم زراعة الشعر وأدلتهم یظهر أن الراجح من القولین فـیها هو القول الأول وهو جواز زراعة الشعر لقوة ما استدل به أصحاب هذا القول.
وقد سُئل الشیخ محمد بن عثیمین رحمه ﷲ:
تتم زراعة شعر المصاب بالصلع، وذلك بأخذ شعر من خلف الرأس وزرعه في المكان المصاب، فهل یجوز ذلك؟ فأجاب:
“نعم یجوز؛ لأن هذا من باب ردّ ما خلق ﷲ عز وجل، ومن باب إزالة العیب، ولیس من باب التجمیل أو الزیادة على ما خلق ﷲ عز وجل
القول الثاني: تحریم زراعة الشعر.
وقال به بعض العلماء المعاصرین.
أدلة القول الثاني:
أن زراعة الشعر تدخل فـي الوصل المحرم شرعًا فتكون محرمة بأدلة تحریم الوصل.
لكن إذا نظرنا في مواصفات الوصل المحرم شرعًا نجد فوارق كثيرة بينه وبین زراعة الشعر.
وأبرزها ما يلي:
- تكون الإضافة فـي الوصل من شخص (أو شيء) آخر.
أما فـي زراعة الشعر المضاف هو الشعر نفسه مع جزء من الجلد یحوي بصیلات الشعر، تُنقَل من مؤخرة الرأس إلى مقدّمتها أو إلى الموضع الذي یراد زراعة الشعر فـیه.
- في الوصل، الشيء المضاف (الشعر أو غیره) یوصل ویُربط بالشعر الأول، ولهذا سُمّي وصلًا.
فالشعر الموصول یضاف ویُشد إلیه لیكثر بالإضافة، أما زراعة الشعر فإنها تختلف عن ذلك.
حيث أن الشعر المزروع یُغرس فـي فروة الرأس ــ أو فـي الموضع الذي یراد زراعته فـیه – مباشرة، ولیس بینه وبین الشعر الأول اتصال، إذ تكون الزراعة فـي منطقة خالیة أو شبه خالیة من الشعر (غالبًا).
- الهدف من وصل الشعر: تكثیف الشعر الأصلي وتطویله وإظهاره كما لو كان غزیرًا.
لكنه لا ینمو ولا یزید فـي طوله وكثافته، لكن عند زراعة الشعر، تنشأ عن البصیلات المزروعة شعر جيد وتزید كثافته ویمكن قصه وحلقه.
العمليّة بالتالي إعادة لشعر الرأس ولیست مجرد إیحاء كاذب بكثافته كما فـي الوصل.
- كثیرًا ما یُستعمل الوصل بالتزامن مع وجود الشعر، للتظاهر بطوله وجماله.
أما زراعة الشعر فلا تُجرى إلا لمن یعاني من الصلع أو عدم وجود شعر فـي مناطق معینة من الجسم وقد تجرى فـي حالة قلة كثافة الشعر وتباعده.
مما سبق یتبین أن زراعة الشعر تخالف وصله فـي المعنى والغایة.
وهذه الزراعة تضم زراعة الشعر بجمیع أنواعه فتشمل شعر الرأس – وهو الغالب -، وشعر اللحیة، وزراعة شعر الشارب، وزراعة شعر الحاجبین والأهداب وغیرها من مواضع الجسم.
حكم زراعة الشعر من أكثر من مجمع فقهي في العالم الإسلامي:
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم (173) لعام (2007م) بشأن عمليات التجميل: “يجوز شرعًا إجراء الجراحة التجميلية الضرورية والحاجية التي يُقصد منها… إصلاح العيوب الطارئة (المكتسبة) من آثار الحروق والحوادث والأمراض وغيرها، مثل: زراعة الجلد وترقيعه… وزراعة الشعر حالة سقوطه خاصة للمرأة”.
وجاء أيضاً في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم (26) لعام (1988م): “يجوز نقل العضو من مكان من جسم الإنسان إلى مكان آخر من جسمه، مع مراعاة التأكد من أن النفع المتوقع من هذه العملية أرجح من الضرر المترتب عليها، وبشرط أن يكون ذلك لإيجاد عضو مفقود أو لإعادة شكله أو وظيفته المعهودة له، أو لإصلاح عيب أو إزالة دمامة تسبب للشخص أذىً نفسياً أو عضوياً”.
وفي هذا الشأن قد فصلت دار الإفتاء المصرية عملية زرع الشعر علي شقين الأول أن يكون من شعر المريض ذاته والأخرى من أن يكون من غيره، وقد جاءت مفصلة كالتالي:
- الزرع من شعر نفس الشخص المنتفع: وحكمه الجواز؛ فالإنسان له أن يأخذ من نفسه لنفسه مقدمًا المصلحة الراجحة له، فمن ضُرب على وجهه بشيء من شأنه أن يقتل أو يكسر أو يشين فاتقاه بيده فله ذلك في كل الحالات، مع أن اليد سيصيبها ضرر، فإن كان الأمر كذلك فنزع الشعر من بعض الأماكن من الجسد لوضعها في مكان آخر من البدن جائزٌ أيضًا.
- الزرع من شعر غير المنتفع: وهو جائزٌ أيضًا على قول من قال بجواز الانتفاع بشعر الآدمي، وهو مذهب محمد بن الحسن.
حكم زراعة شعر الحاجب للنساء:
تقول هيئة الافتاء المصرية إن المرأة إذا كانت تعاني من مرض أو لا يظهر شعر الحاجب، يجوز زراعة الحاجب لها، موضحًا أنه يشترط عند زراعة شعر الحاجب للمرأة أن تتم العملية من شعر المرأة نفسها، وليس بشعر امرأة غيرها.
الأسئلة الشائعة حول حكم زراعة الشعر
هل زراعة الشعر عملية تجميل ؟
نعم، تُصنّف زراعة الشعر على أنها عملية جراحية تجميلية
لكنّها ليست من العمليّات الحرجة حيث أنها تتم تحت تأثير مخدّر موضعي وتنتهي في فترة بسيطة.
هل زراعة الشعر حلال ؟
تعتبر نسبة كبيرة من علماء الدين عملية زراعة الشعر حلالاً
طالما أُجريَت بغرض طبّي يعطي نتيجة ومظهراً طبيعيا للشعر دون غش أو تدليس.
هل زراعة شعر الحواجب حرام ؟
لا يرى البعض من علماء الدين حرجاً في زراعة شعر الحواجب
إذا اضطر المريض لها بسبب عيب مسبق في الشكل.
ما حكم زراعة الشعر ؟
اختلف العلماء في حكم زراعة الشعر بين من حلّلها ومن حرّمها.
والسبب الرئيسي للاختلاف في الأقوال هو اعتبار عملية زراعة الشعر من ضمن ما يُعرف بـ “الوصل”.
هل زراعة الشعر حرام ؟
يرى العلماء اللذين يعتبرون زرع الشعر نوعاً من أنواع الوصل بحُرمة العمليّة.
وذلك بالاستنا إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ”لعن ﷲ الواصلة والمستوصلة”
ما هو الفرق بين زراعة الشعر وبين الوصل ؟
يختلف وصل الشعر عن زرعه حيث أن الوصل يعتمد على إضافة شعر جديد في حين تكتفي عمليات الزراعة بشعر المريض نفسه.
ما حكم زراعة الشعر اللحية ؟
يختلف موقف علماء الدين من زراعة شعر الوجه
لكن الرأي الغالب يُجيز زراعة الشعر لدى الحالات المتضررة من سوء الشكل بسبب نقص الشعر في الوجه.